قانون رقم 164 لسنة 2024 بشأن إصدار قانون لجوء الأجانب في مصر: نظرة تحليلية

بقلم/ المستشارة القانونية لورين ويليامز

وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد قرابة 822,701 لاجئ أو طالب لجوء مقيمون في مصر، ينتمون إلى 59 دولة مختلفة. ومع ذلك، فإن هذه الإحصائية لا تعكس بدقة التأثير الاقتصادي والاجتماعي للأزمات المستفحلة في البلاد المجاورة، التي تدفع بدورها اللاجئين إلى النزوح إلى مصر، وهذا بسبب شروط التسجيل الصعبة لدى الأمم المتحدة وما نتج عنها من قلة الإحصائيات الموثقة. ولذلك، أصبح من الضروري أن تضع مصر إطارًا قانونيًا بشأن التعامل مع اللاجئين وتوثيقهم، دون المساس بالتزامات مصر الدولية والمعاهدات التي انضمت إليها.

واستجابةً لهذه الضرورة الملحة، صدر القانون رقم 164 لسنة 2024 بإنشاء اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، وتتولى اللجنة المهام التالية:

·         إصدار القرارات المختصة بطلبات اللجوء

·         التواصل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية

·         تقديم الدعم والخدمات بالتنسيق مع الجهات الإدارية المصرية

يمكن تقديم طلبات اللجوء إلى اللجنة المختصة من قبل طالب اللجوء أو ممثله القانوني، وتلتزم اللجنة بإصدار قرارها خلال ستة أشهر.

وفي هذا السياق، يعرف القانون رقم 164/2024 اللاجئين بأنهم:

"كل أجنبي وجد خارج الدولة التي يحمل جنسيتها أو خارج دولة إقامته المعتادة ، بسبب معقول مبني على خوف جدي له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه ، أو دينه ، أو جنسيته ، أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية ، أو بسبب عدوان أو احتلال خارجي، أو غيرها من الأحداث التي تهدد بشكل خطير الأمن العام في الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف الجدي أن يستظل بحماية تلك الدولة، وكل شخص ليست له جنسية وجد خارج دولة إقامته المعتادة نتيجة لأي من تلك الظروف، ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف الجدي أن يعود إلى تلك الدولة ، والتي أسبغت عليه اللجنة المختصة ذلك الوصف وفقًا لأحكام هذا القانون. "

وعلى الرغم من أن مصر اتخذت خطوات هامة لتسهيل عملية تسجيل اللاجئين، إلا أن الأمن القومي يظل هو المقياس الآمر الناهي والحاكم الأساس في هذه المسألة.

وعلى هذا النحو، يُحظر على أي شخص التقدم بطلب لجوء في مصر، كل من  ارتكب جريمة خطيرة قبل دخوله مصر، أو يُعتقد بشكل معقول أنه ارتكب جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، أو ارتكب عملاً ضد مبادئ الأمم المتحدة، أو أضر بالأمن القومي أو النظام العام، أو كان اسمه مدرجاً على قائمة الإرهاب والمنظمات الإرهابية في مصر وفقًا للقانون رقم 8/2015.

وبالمثل، تستطيع اللجنة إلغاء وصف اللاجئ من الأفراد الذين حصلوا عليها تحت ذرائع كاذبة، أو ثبت ارتكابهم جريمة من شأنها أن تمنع عادة منح وصف اللاجئ، أو الذين يشاركون في نشاط سياسي أو نقابي أو يرتكبون أعمالاً تضر بالأمن القومي المصري.

ويفقد اللاجئون أيضًا وضعهم خلال 15 يومًا إذا قاموا بأي مما يلي:

  • العودة طوعاً إلى بلد جنسيتهم أو إقامتهم المعتادة
  • الحصول على الجنسية المصرية أو الحصول على جنسية أخرى
  • لم يعد لديهم خوف مبرر من الاضطهاد ويرفضون قبول حماية بلادهم
  • تم إعادتهم إلى بلد آخر
  • مغادرة مصر لمدة ستة أشهر دون عذر تقبله اللجنة

وفي هذه الحالة، يحق للجنة أن تطلب من وزارة الداخلية ترحيل الأفراد الذين لم يعد من الممكن تصنيفهم كلاجئين.

حقوق اللاجئين:

وللاجئين الحق في الحصول على جواز سفر صادر عن وزارة الداخلية المصرية، ما لم تقرر اللجنة عدم أهلية اللاجئ لاعتبارات الأمن القومي.

كما يتمتع اللاجئون بالحماية من الإعادة القسرية، دون المساس بحق مصر في نقل اللاجئين إلى دول أخرى. والحرية الدينية مكفولة لجميع اللاجئين، ولكن حرية ممارسة الشعائر الدينية تقتصر على ممارسة شعائر الأديان السماوية الثلاث. وعلى الرغم من الحظر المفروض على النشاط السياسي، يُسمح للاجئين بالانضمام إلى منظمات المجتمع المدني والعمل في مجالس إدارتها.

ولا توجد أي محظورات خاصة باللاجئين فيما يتعلق بحيازتهم للملكية داخل مصر؛ وهم يخضعون لنفس الأحكام التي تحكم الأجانب الآخرين في هذا الصدد.

ويستطيع اللاجئون أيضًا تأسيس شركات والانضمام إلى شركات قائمة كمساهمين.

والأهم من كل ذلك، يحق للاجئين تلقي الرعاية الصحية اللازمة.

التعليم:

للأطفال اللاجئين الحق في التعليم الأساسي، ويحق لأولئك الذين يحملون شهادات تعليمية من الخارج الاعتراف بشهاداتهم.

التوظيف

يحق للاجئين العمل في مصر بعد الحصول على تصريح مؤقت من وزارة الداخلية، وهذا يشمل المهن المستقلة التي تحكمها النقابات، مثل المهن في المجال القانوني والطبي. إذا كانت عضوية النقابة مطلوبة لممارسة مهنة ما، يجب حينئذ على اللاجئ تقديم درجة علمية/شهادة معترف بها من بلده الأصلي حتى يُسمح له بممارسة تلك المهنة في مصر. ما قد لايشجع أصحاب العمل عن توظيف اللاجئين هو أن القانون يفرض عقوبة بالحبس لمدة ستة أشهر على الأقل و/أو غرامة تتراوح بين 50 ألف و100 ألف جنيه مصري على أي شخص يقوم بتشغيل لاجئ أو يستأجره مؤقتًا دون إبلاغ قسم الشرطة بمكان أو مقر العمل.

الأحوال الشخصية:

في مسائل الأحوال الشخصية، يخضع اللاجئون لقانون بلد جنسيتهم. أما عديمو الجنسية فيخضعون لقانون بلد إقامتهم السابق.

الضرائب والرسوم:

يتمتع اللاجئون بإعفاء من الضرائب ورسوم المحاكم والرسوم الحكومية، باستثناء رسوم توثيق اللاجئين. ومع ذلك، يسمح قانون 164/2024 للجنة المختصة أن تطلب من وزارة الداخلية النظر في إعفاء اللاجئين من هذه الرسوم أيضًا.

الحق في السفر والتنقل الدولي:

يتمتع اللاجئون بحرية التنقل داخل مصر ولكن يتعين عليهم إخطار اللجنة بأي تغييرات في عنوانهم الدائم. كما يحق لهم في أي وقت  العودة طوعاً إلى بلدهم الأصلي.

صفوة القول:

يوفر القانون رقم 164/2024 إطارًا عامًا يمكن من خلاله إكتساب صفة اللاجئ والمحافظة على حقوقه في مصر. ومع ذلك، هناك بعض الأمور التي لا تزال غير واضحة وتحتاج إلى المزيد من سبر أغوارها. على سبيل المثال لا الحصر، حق اللاجئين في التعليم لا يتعارض مع التشريعات القائمة التي تحكم تعليم الأجانب في مصر. وعلى الرغم من ذلك، لا يملك العديد من اللاجئين الموارد المالية للتسجيل في المدارس الخاصة، كما يقتصر الالتحاق بالمدارس الحكومية على السودانيين والليبيين والسعوديين والأردنيين فقط.  

كما أن الطبيعة الناجزة وفعالية أحكام قانون رقم 164/2024، بالتوافق مع لوائح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، لا يمكن تحديدهما إلا بعد صدور اللائحة التنفيذية للقانون. وليس من الواضح كيف سيتم التعامل مع اللاجئين في مصر إذا تم منحهم صفة اللاجئ من قبل المفوضية  مع عدم استيفائهم مؤهلات صفة اللاجئ بموجب القانون المصري، خاصة وأن القانون لا يخل بالتزامات مصر بموجب المعاهدات الدولية.

ومع ذلك، فإن القانون يتمتع بالعديد من المزايا من حيث  التقليل من عمليات الترحيل التعسفي المحتملة للاجئين وطالبي اللجوء، وما يوفره من مسار مواز لطلب صفة اللاجئ في مصر لأولئك الذين لا يتوافق وضعهم وشروط  مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وضمانة  تحول دون تحول العدد المتزايد من اللاجئين إلى قنبلة موقوتة تهدد الأمن في مصر